أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

باكستان والسعودية طريقاً ليس مفروشا بالورود

تطرح التحرُّكات الأخيرة بين باكستان والسعودية تساؤلات حول دوافع تهدئة الخلاف واستئناف العلاقات بين البلدين اللذين تجمعهما روابط تاريخية تعود إلى أكثر من سبعة عقود، لكن التساؤلات الأهم تتعلق ربما بالعقبات التي تواجه جهود البلدين لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها.
الأزمة الاقتصادية في الباكستان غيرت مفاهيم اللعبة السياسية وعلى خلفية انتقادات الحكومة الأمريكية للرياض بعد قرار الدول الأعضاء في “أوبك” خفض إنتاج النفط حيث أعربت باكستان عن تضامنها مع المملكة العربية السعودية التي انحازت بوضوح إلى روسيا .
تأمل باكستان حدوث انخفاض في أسعار النفط الخام الدولية، مما سيعطي الحكومة المحاصرة بعض المجال لتخفيف المتضررين من التضخم، ولكن قرار” أوبك” سيخلق المزيد من المشاكل للاقتصاد الباكستاني المتعثر .
بالمقابل رفضت إسلام أباد مخاوف بايدن واستدعت السفير الأمريكي لتسجيل احتجاج رسمي، بعد رد الفعل القوي لباكستان، حيث حاولت إدارة بايدن القيام ببعض السيطرة على الأضرار وسط موجة من الاشتباكات بين باكستان والولايات المتحدة بعد تغيير الحكومة في نيسان
ومع ذلك، فإن الطريق نحو استعادة العلاقات الذهبية بين السعودية وباكستان ليس مفروشا بالورود، فثمَّة صعوبات وتحديات قد تَحُول دون عودة الانفراجة في العلاقات سريعا كما يأمل قادة البلدين ،أول تلك التحديات يتعلق برغبة باكستان بالنأي بنفسها عن الصراعات بين الإيرانيين والسعوديين، فهي في غنى عن أي شرارة قد تتسبَّب في اشتعال فتنة العنف الطائفي بين الطائفة الشيعية، وهي أقلية كبيرة، وبين الأغلبية السنية في بلد يُعاني من اقتصاد متدهور، كما أنها تريد بشكل أو بآخر الحفاظ على علاقات “طبيعية” مع إيران، وذلك رغم أن العلاقة بين البلدين لا تزال متوترة بسبب اتهامات متبادلة بدعم الجماعات الانفصالية في البلدين.
وعلى الجانب الآخر، لدى السعودية تحديات خاصة بدورها، فليس لدى الرياض مصلحة حتى الآن في الحد من العلاقات مع الهند، وكل ما يمكن فعله هو الظهور بوصفها وسيطا مستعدا للعب دور في حل قضية كشمير والمساعدة في تخفيف التوترات بين الهند وباكستان، ومن غير المُرجَّح في المستقبل القريب أن تميل الرياض نحو إسلام أباد بشأن نزاع كشمير، وهو ما يتعارض مع رغبة باكستان التي تريد أن تلمس بسرعة آثار اليد السعودية التي تعمل لصالحها في نزاعها مع الهند.
تراجعت مكانة باكستان في السياسة الخارجية الأمريكية في العقد الماضي، وأصبحت واشنطن أكثر ميلا للنظر إلى علاقاتها مع باكستان ضمن إطار أوسع يأخذ في الاعتبار المصالح الأمريكية بالمقابل باكستان غير مستعدة للتنازل عن مصالحها الأساسية، وانعكس ذلك في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث حافظت باكستان على موقفها الحيادي بشأن الصراع الروسي الأوكراني على الرغم من ضغوط الغرب للتصويت ضد موسكو، لذلك كانت الخطوة الأخيرة لدعم المملكة العربية السعودية في مواجهة علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة هي مثال آخر على استعداد باكستان لعدم الالتزام بخط واشنطن.
لذلك من المتوقع أن تكون الباكستان أكثر حرصا تجاه تهدئة التوتر مع إدارة “بايدن”، وسيستمر حرص قادة الجيش على العلاقات مع الولايات المتحدة، كما أن وتيرة استعادة العلاقات التاريخية مع السعودية ستكون أسرع بعد غياب “خان”، خاصة في حال تولي زعيم المعارضة “شهباز شريف” رئاسة الحكومة نظرا لعلاقته التاريخية بالرياض.
كاتبة سورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *